• استيقظ
  •  صل اللهم علي محمد
  • لا تنسونا من صالح دعائكم

الدعوة الي الله

                                         بسم الله الرحمن الرحيم 


أن الأمة فى أمس الحاجة هذه الأيام إلى دُعاةٍ تتجمع عليهم القلوب وتتآلف حولهم النفوس                                                          دعاةٍ ينطلقون من فهم صحيح ثابت لكتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لتبصرة المسلمين بحقيقة دينهم من ناحية وتحذيرهم من المؤامرات التى تحُاك لهم فى الليل والنهار من ناحية أخرى دعاةٍ يتحركون بدعوتهم خالصة لله جل وعلا وحده  لا يدعون إلى قومية أو حزبية أو عصبية 
لا يدعون إلى مصلحة أو غنيمة أو هوى 
لا يدعون إلى جماعة ويعادون الأخرى فجماعتهم هى جماعة المسلمين ومنهجهم هو القرآن والسنة وإمامهم هو إمام الهدى ومصباح الدُّجى محمد صلى الله عليه ومن سار على دربه من العلماء العاملين والدعاة الصادقين 
نعم إن الأمة فى حاجة شديدة إلى هذا الصنف من الدعاة فى وقت كثر فيه دعاةُ الباطل والهوى الذين باعوا دينهم بعرضٍ من الدنيا حقير فنافقوا الحاكم وهم يعلمون يقيناً أنه يحكم بغير ما أنزل الله بل وإن أراد الحلًّ حللوا وإن أراد الحرام حرمَّوا!!
وإن كان الحاكم ديمقراطًّياً قالوا: وهل الديمقراطية إلا الإسلام ؟! ولما كان الحاكم اشتراكًّياً باركوا الاشتراكية وقالوا: وهل خرجت إلا من عباءة الإسلام ؟! 
والضحية فى النهاية هى الأمة المسكينة التى تمزقت وتشرذمت خلف صياح القوميين تارة وزخرف الاشتراكيين تارة أخرى ونفاق الليبراليين تارة ثالثة وتدليس علماء الباطل من ناحية رابعة والأخيرة هى القاصمة لأن زلة العالِم زلة العالَم !! ولقد أبدع الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى فى وصف هذا الصنف الخبيث من دعاة الباطل فقال: "علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون إليها الناس بأقوالهم ويدعون إلى النار بأفعالهم فكلما قالت أقوالهم للناس هلمُّوا قالت أفعالهم لا تسمعوا منهم فلو كان ما دعوا إليه حقَّاً كانوا أول المستجيبين لهم ، فهم فى الصورة أدلاء وفى الحقيقة قطاع طرق" (1) 

الثانى: 
أما السبب الثانى الذى دعانى للحديث فى هذا الموضوع الجليل هو أننا نعيش أياماً قد كُلف فيها الذئاب برعى الأغنام !!
وراعى الشاه يحمى الذئب عنها فكيف إذا الرعاةُ لها الذئاب
وقد وصف النبى صلى الله عليه هذه الأيام وصفاً دقيقاً كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنه قال رسول الله صلى الله عليه: "سيأتى على الناس سنواتُ خدَّاعاتُ ، يُصدًّق فيها الكاذبُ ويَكذًّب فيها الصادق ، ويُؤتمُن فيها الخائنُ ، ويُخوًّنُ فيها الأميُن وينطقُ فيها الرٌويبَضةُ قيل : وما الرٌويبَضةُ ؟ قال : الرجل التافهُ يتكلمُ فى أمر العامَّةِ"(2) 

سبحان الله !! إنه وصفَ دقيقُ مِمَّن لا ينطق عن الهوى – بأبى هو وأمى - يا رسول الله كتابة صلى الله عليه فلقد أصبح اللادينيون والساقطون قادة الفكر والتوجيه وأرباب الأقلام التى تفُسح لها الصفحات ليكتبوا فى كل شئ وفى أى شئ حتى فى دين الله عز وجل بدون بينة ولا هدى من غير خجل أو وجل !!
وأفسَحت لهم الإذاعات المرئية والمسموعة الساعات الطوال لعرض "وفرض" آرائهم وأفكارهم للى أعناق الناس إليهم لَيَّا فى الوقت الذى شنت فيه هذه الإذاعات الحرب على دعاة الإسلام وشباب الصحوة بمنتهى السفور والفجور ! 
الثالث: 

أما السبب الثالث الذى يُحزن الفؤاد ويوقظ كلَّ من غطَّ فى الرقاد هو ما نراه ونسمعه ونقرأه من حملة شرسة مسعورة سافرة على الإسلام بصفة عامة وعلى الشباب المسلم بصفة خاصة حتى أصبح ما يسمونه بالتطرف الدينى لصيقاً بهم وحدهم دون غيرهم وَجُند لتأكيد هذا والدندنة حوله بمناسبة وبغير مناسبة كثيرُ من الكُتاب والصحفيين والمفكرين بل ومن علماء المسلمين بقصد أو بدون قصد !
وراحوا يركزون على إبراز بعض التصرفات الخاطئة من بعض الشباب المتحمس الذى انصرف عنه العلماء فانصرف ينهل من بطون الكتب فوقع فى بعض الأخطاء فهماً وسلوكاً فوضعوها تحت المجاهر المكبرة لخلق حالة من الرعب والإرهاب الفكرى لشلِ حركة الدعوة إلى الله عز وجل ولتشويه صورة الحركة الإسلامية بأسرها 
وفى الوقت الذى يُمارس فيه "التطرف" بكل قوة وشراسة ووحشية فى جميع أنحاء العالم !!
فأين هم من التطرف اليهودى الذى يُمارس بعنجهية واستعلاء ضد المسلمين فى فلسطين الذبيحة ؟!
وأين هم من التطرف النصرانى الصربى الذى يُمارس بإبادة ووحشية – تخلع القلب وتُذيب الفؤاد – ضد المسلمين فى البوسنة والهرسك على مرأى ومسمع من أدعياء الحرية وَمرُوَّجى مسرحية السلام ؟!
وأين هم من التطرف الوثنى الذى يُمارس بقوة ضد المسلمين فى الهند ؟!
وأين هم من التطرف الأوروبى والأمريكى فى معالجة المشاكل والأزمات ؟!

وأين هم من التطرف الأخلاقى وأساطينه الذين يجاهرون بالمعاصى ويبارزون الله بها فى الليل والنهار ، فلا نجد من يهشهم ولا يعكر عليهم صفوهم بل نراهم آمنين مطمئنين تصفق لهم الجماهير ، وتهتف لهم الدنيا ، وتُصاغ لهم الأمجاد ، وتذلل لهم الصعاب ، وتفتح لهم الأبواب !!!
فهل من الإنصاف والعدل أن نُلقى باللوم والغضب والتشهير والتحقير والسخرية والازدراء على الشباب الذى يعلن إسلامه ويطالب به فى الوقت الذى نبتسم فيه ابتسامة عريضة لهذا الشباب الماجن الخليع!!
وهل من الإنصاف والعدل أن نسخر من الفتاة الطاهرة التى تسربلت بسربال الحياء والمروءة والشرف والعفة وأن نفخر بالفتاة الكاسية العارية المائلة ! )تلك إذاً قسمة ضيزى(
ومع هذا كله : السبب الرابع: 

هو نشاط دعاة الباطل لباطلهم من منصرين وشيعة وعلمانيين ومما يؤلم القلب ما ذكره الدكتور عبد الودود شلبى حيث يقول: "أذكر أننى ترددت كثيراً جداً على مركز من مراكز إعداد المبشرين فى مدريد وفى فناء المبنى الواسع وضعوا لوحة كبيرة كتبوا عليها "أيها المبشر الشاب : نحن لا نعدُك بوظيفة أو عمل أو سكن أو فراش وثير ، إننا ننذرك بأنك لن تجد فى عملك التبشيرى إلا التعب والمرض ، كل ما نقدمه إليك هو العلم والخبز وفراش خشن فى كوخ فقير أجرك كله ستجده عند الله إذا أدركك الموت وأنت فى طريق المسيح كنت من السعداء(1) 
هذا ما يقال لأهل الباطل ومع ذلك فهم يتحركون فى جميع أنحاء العالم حتى فى أماكن الأزمات والنكبات لا يرى الطفل المسلم والمرأة المسلمة إلا هؤلاء يقدمون الغداء والكساء والدواء عار علينا وأى عار أن يتحرك أهل الباطل لباطلهم ولا يتحرك أهل الحق لحقهم!!
عار علينا أن نعلم أن "عدد المبشرين" – أى المُنصرين – فى العالم الآن أكثر من (22) ألف مبشر منهم (138) ألف كاثوليكى ، (82) ألف بروتستانتى ولا يكفى أبداً أن يتصدى لهم خمسة آلاف داعية إسلامى يعملون فى الخارج هنا وهناك وكيف يكفى خمسة آلاف وفى أندونيسيا وحدها أكثر من عشرة آلاف مبشر"(2) 
الخامس: 
أما السبب الخامس والذى أختم به الحديث عن أسباب الخواطر هو أننى كابن من أبناء الحركة الإسلامية المعاصرة أرى أن الحركة فى حاجة شديدة إلى وقفة تأمل ومراجعة شاملة ، ببصيرة نافذة ووعى حاضر وفهم دقيق ومنطق عميق للتعرف على حجم الإنجازات والأخطاء أيضاً لتشخيص الداء وتحديد الدواء وهذا هو ما نحاول أن نقدمه زاداً لأبناء الحركة على طريق الدعوة الشاق الطويل فإن وقفت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء ونسأل الله أن يجنبنا الزيغ والزلل ، إنه ولى ذلك ومولاه